• الرئيسية
  • غرفة الهداية
  • تابعنا



السؤال:
ما هو تفسير حديث "أنت ومالك لأبيك"؟
الجواب:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد،
فإن حديث "أنت ومالك لأبيك" متعقب رواية ودراية؛ بمعنى أن أسانيده فيها مقال ثم له فقه بلا شك غير ذلك الفقه المتبادر للأذهان، تفصيل ما ذُكر على النحو التالي:
أقول وبالله التوفيق: لهذا الحديث عدة طرق عن النبي صلى الله عليه وسلم كلها ضعيفة إلا حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده والإمام أحمد يقول: أهل الحديث إن شاءوا أن يقبلوه قبلوه، وإن شاءوا أن يردوه ردوه؛ بمعنى أن هذا الرجل وتلك السلسلة تتأتى منها مفاريد أحيانا تُستنكر وتُرفض.
ثانيا: له سند مرسل من طريق محمد بن المنكدر عن رسول الله، والمرسل من قسم الضعيف هذا مؤدى ما يتعلق بالأسانيد، وقد جنح الشافعي إلى عدم العمل به.
أما متنه؛ فمتنه معارض بأشياء كثيرة، فقوله: "أنت ومالك لأبيك" مُعارض بالمواريث، فربي جل وعلا جعل في المواريث للبنت إذا كانت واحدة نصف التركة، وللأب نصيبا وللأم نصيبا، البنت لها النصف، ﴿وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ﴾ ....الآيات، وقال تعالى أيضا ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ﴾
أعني من هذا كله أن البنت وأن الولد أبناء الرجل لهم نصيب من التركة، ولم تُجعل التركة كلها للأب، بل الأم لها نصيب، الزوجة لها نصيب، الأبناء لهم نصيب، البنات لهم نصيب، هذا أول شيء.
الشيء الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كفى بالمرء إثما أن يحبس عن من يملك قوته" وفي الحديث الآخر: "اليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول" قيل لأبي هريرة: من أعول؟ قال: زوجتك تقول أطعمني أو طلقني، ابنك يقول أطعمني إلى من تدعني، عبدك يقول أطعمني أو أعتقني أطعمني أو أعتقني.
وفي الحديث الآخر: "إن لنفسك عليك حقا ولأهلك عليك حقا ولزوجك عليك حقا ولضيفك عليك حقا" وفي رواية "ولولدك عليك حقا فأعطي كل ذي حق حقه" ونصوص كثيرة جدا في هذا الصدد.
إذا كان رسولنا الأمين صلى الله عليه وسلم أمر الرجل بأن يعدل بين أبنائه في العطايا فلأن يُمنع الرجل من التسلط على مال أحد أبنائه وأخذه منه أقوى في المنع من أن يُمنع الأب من التمييز بين أبنائه.
فعلى ذلك: كما أن الاب له حق، الابن نفسه له حق، أبناؤه لهم حق، زوجته لها حق، فهذه لابد من معرفتها، لأن أقواما فهموا "أنت ومالك لأبيك" فتسلطوا على مال الأبناء وسلبوه منهم بهذا الفهم الخاطئ للحديث الذي أراه ضعيفا، والله أعلم.
وفي هذا الصدد أيضا ترد هذه القصة، ألا وهي قصة معن ابن يزيد؛ لما خرج أبو يزيد بصرة فيها مال وضعها في المسجد لأول قادم فكان أول قادم ابنه معن فأخذ الصرة، فقال له أبوه لما رآه أخذها: ما إياك عنيت يا معن! فقال: أنا دخلت المسجد ووجدتها، قال: ما إياك عنيت! فترى فعل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "لك ما أخذت يا معن ولك ما نويت يا يزيد"
فالحاصل أن الذين يفهمون حديث "أنت ومالك لأبيك" على ظاهره، فهمهم له خاطئ، لأن الزوجة لها حق، والنفس لها حق، والأبناء لهم حق، والأضياف لهم حق، وحتى في المواريث جعل الله التركة أنصبة قسمها ربنا سبحانه، وفي الحياة قال النبي ما قد سمعتم: "إن لنفسك عليك حقا"
هذا كله فضلا عن اعتقادي ضعف هذا الحديث هو عدم ثبوته، وهو اتجاه الإمام الشافعي رحمه الله تعالى أعني في الإيماء إلى تضعيفه والإشارة إلى تضعيفه.

تاريخ إصدار الفتوى الأربعاء ٢٨ أبريل ٢٠١٠ م
مكان إصدار الفتوى الناس
تاريخ الإضافة الجمعة ٣٠ يناير ٢٠١٥ م
حجم المادة 26.94 ميجا بايت
عدد الزيارات 1144 زيارة
عدد مرات الحفظ 176 مرة